فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأجيب بأن المقصود من الآية ليس بيان الإعجاز، ولكن المراد أنهم إذا لمسوه بأيديهم يقوى الإدراك البصري بالإدراك اللمسي وبلغ الغاية في القوة والظهور. ثم إن هؤلاء يبقون شاكين في أن ذلك الذي رأوه ولمسوه هل هو موجود أم لا، وذلك يدل على أنهم بلغوا في الجهالة إلى حد السفسطة. قال القاضي: في الآية دليل على وجوب اللطف لأنه بيَّن أنه إنما لم ينزل هذا الكتاب من حيث إنه لو أنزله لقالوا هذا القول فيفهم منه أنهم لو قبلوه وآمنوا به لأنزله لا محالة، وزيف بأن المفهوم ليس بحجة، ولو سلم فوقوع اللطف لا يدل على وجوبه. ومن الكفرة من قابل النبوات بإيراد الشبهات والاقتراحات. قال الكلبي: إن مشركي مكة قالوا: يا محمد والله لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ومعه أربعة من الملائكة يشهدون أنه من عند الله وأنك رسوله وذلك قوله: {وقالوا لولا أنزل عليه ملك} فأجاب الله تعالى عن مقترحهم بقوله: {ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر ثم لا ينظرون} ومعنى القضاء الإتمام والإلزام كما مر. وتقرير الجواب أن إنزال الملك على البشرية آية باهرة وحينئذ ربما لم يؤمنوا فيجب إهلاكهم بعذاب الاستئصال، أو لعلهم إذا شاهدوا الملك زهقت أرواحهم. ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى جبرائيل على صورته الأصلية غشي عليه؟ وأن جميع الرسل عاينوا الملائكة في صورة البشرة كأضياف إبراهيم ولوط، وكالذين تسوّروا المحراب، وأن جبرائيل تمثل لمريم بشرًا سويًا؟ وفائدة ثمَّ أن عدم الإنظار أشد من قضاء الأمر لأن مفاجاة الشدة أفظع من نفس الشدة. ثم إنهم كانوا يطعنون في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى وهي أنه بشر مثلهم ويقولون: {لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرًا} [الفرقان: 7] وتقرير الشبهة أن الرسل إذا كانوا من زمرة الملائكة كانت علومهم أكثر وقدرتهم أشد ومهابتهم أعظم وامتيازهم عن الخلق أكمل والاشتباه في نبوتهم ورسالتهم أقل، والحكيم إذا أراد تحصيل مهم اختار ما هو أسرع إفضاء إلى المطلوب، فأجاب الله تعالى عن شبهتهم بقوله: {ولو جعلناه} أي الرسول {ملكًا لجعلناه رجلًا} لأن إنزال الملك آية ظاهرة جارية مجرى الإلجاء وإزالة الاختيار وذلك منافٍ لغرض التكليف، ولأن الجنس إلى الجنس أميل، ولأن البشر لا يطيق رؤية الملك، ولأن طاعات الملك كثيرة فيحقرون طاعات البشر ويستعظمون إقدامهم على المعاصي فلا يصبرون معهم، ولأن إنزال الملك يقوي الشبهة من وجه آخر وذلك أن أيّ معجزة ظهرت عليه قالوا هذا فعلك فعلته باختيارك وقدرتك، ولو حصل لنا مثل ما حصل لك من القدرة والقوة لفعلنا مثل ما فعلت.
ثم قال: {وللبسنا عليهم ما يلبسون} لبست الأمر على القوم ألبسه لبسًا إذا شبهته عليهم وجعلته مشكلًا ومنه لبس الثوب لأنه يفيد الستر. والمعنى إذا جعلنا الملك في صورة البشر كان فعلنا نظيرًا لفعلهم في التلبيس، وإنما كان ذلك لبسًا لأن الناس يظنونه ملكًا مع أنه ليس بملك، أو يظنونه بشرًا مع أنه ليس ببشر وإنما كان فعلهم لبسًا لأنهم يخلطون على أنفسهم ويقولون إن البشر لا يصلح للرسالة فلا ينقطع السؤال أبدًا ويبقى الأمر في حيز الاشتباه. وعلى هذا التفسير يكون قوله: {ما يلبسون} مفعولًا مطلقًا. ويجوز أن يراد ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم حينئذ فيكون مفعولًا به يعني أن القوم إذا رأوا الملك في صورة الإنسان اشتبه الأمر عليهم، وإذ كنا قد فعلنا ذلك كان اللبس منسوبًا إلينا.
ثم إنه سبحانه وتعالى سلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يلقى من قومه بقوله: {ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق} أي نزل. وقال الفراء: عاد عليهم والتركيب يدور على الإحاطة ومنه الحوق بالضم ما استدار بالكمرة {ما كانوا} أي الشيء الذي كانوا يستهزؤن به وهو الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، أسند الحق إليه حيث أهلكوا لأجل الاستهزاء به. ويحتمل أن يراد بلفظة ما العذاب الذي كان يخوفهم الرسول بنزوله وهم يستهزؤن بذلك، ثم أمر رسوله بأن يقول لهم: لا تغتروا بما وجدتم من زخارف الدنيا وسيروا في الأرض لتشاهدوا آثار الأمم السالفة الذين كذبوا رسلهم ونزل بهم ما نزل فإن الأسفار تورث الاعتبار وتفيد الاستبصار. واعلم أنه سبحانه قال هاهنا {ثم انظروا} وفي موضع آخر {فانظروا} [آل عمران: 137] فالفاء لمجرد اعتبار ترتيب النظر على السير. وثم لتباعد ما بين المباح والواجب فإن السير مباح والنظر واجب. وأيضًا شتان بين السير الصوري بقدم الأشباح وبين السير المعنوي بقدم الأرواح والله أعلم. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)}.
قُلْ دوخوا في الأرضِ، وسيحوا في سيركم فيها من الطول والعَرْضِ، ثم انظروا هل أفْلَتَ من حكمنا أحدٌ، وهل وجد من دونَ أمرنا مُلْتَحدًا؟. اهـ.

.قال نظام الدين النيسابوري:

اعلم أنه سبحانه قال هاهنا {ثم انظروا} وفي موضع آخر {فانظروا} [آل عمران: 137] فالفاء لمجرد اعتبار ترتيب النظر على السير. وثم لتباعد ما بين المباح والواجب فإن السير مباح والنظر واجب. وأيضًا شتان بين السير الصوري بقدم الأشباح وبين السير المعنوي بقدم الأرواح والله أعلم. اهـ.

.من فوائد القاسمي في الآية:

قال رحمه الله:
{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} أي: سيروا في الأرض لتعرّف أحوال أولئك الأمم، وتفكروا في أنهم كيف أُهلكوا لما كذبوا الرسل وعاندوا، فتعرفوا صحة ما توعظون به. وفي السير في الأرض، والسفر في البلاد، ومشاهدة تلك الآثار الخاوية على عروشها- تكملة للاعتبار، وتقوية للاستبصار. أي: فلا تغتروا بما أنتم عليه من التمتع بلذات الدنيا وشهواتها.
وفي هذه الآية تكملة للتسلية، بما في ضمنها من العدة اللطيفة، بأنه سيحيق بهم مثل ما حاق بأضرابهم المكذبين، وقد أنجز ذلك يوم بدر أي: إنجاز.
لطيفة:
وقع هنا: {ثُمَّ انظُرُواْ}. وفي النمل: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا} [النمل: 69]. وكذا في العنكبوت. فتكلف بعضهم لتخصيص ما هنا بثم، كما هو مبسوط في العناية، مع ما عليه. ونقل عن بعضهم أن السير متحدًا فيهما، ولكنه أمر ممتد، يعطف بالفاء تارةً، نظرًا لآخره، وبثم نظرًا لأوله، ولا فرق بينهما.
وفي الانتصاف: الأظهر أن يجعل الأمر بالسير في المكانين واحدًا، ليكون ذلك سببًا في النظر، فحيث دخلت الفاء، فالإظهار السببية. وحيث دخلت ثم، فللتنبيه على أن النظر هو المقصود من السير، وأن السير وسيلة إليه لا غير. وشتان بين المقصود والوسيلة- والله أعلم-. اهـ.

.قال في ملاك التأويل:

قوله تعالى: {قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين} وفى سورة العنكبوت: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة} وفى سورة الروم: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين}.
هنا سؤالان أحدهما: اختلاف حالاتهم فيما وسموا به في أعقاب الآى من التكذيب والاجرام ومن التعامى عن النظر في البدأة والنشأة الآخرة والاشراك مع أن الأمر للكل باعتبار إنما وقع بلفظ ولحد وهو قوله: {قل سيروا في الأرض فانظروا} ثم تنوع ما أحيل عليه في النظر واختلف وإذا لحظ الجواب عما وقع به التعقيب في كل واحدة من هذه الآى تفصل إلى أربعة أسئلة والسؤال الثانى: اختلاف حرف العطف.
والجواب عن السؤال الأول على رعى التفصيل أنه لما تقدم آية الأنعام قوله تعالى: {فقد كذبوا بالحق لما جاءهم} والإشارة إلى أصناف المكذبين من المخاطبين وغيرهم ثم أشير إليهم بعد في قوله: {ألم يروا كم أهكلنا من قبلهم من قرن} وكلهم إنما أهلك بإعراضه وتعاميه المؤديين إلى تكذيبه أح- يل من بعدهم على كل حال من تقدمهم فيما ذكر مكتفى الإعراض والتعامى بما تقدم في الآى المذكورة قبل ومفصحا بالتكذيب المسبب عن ذلك في قوله تعالى: {ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين} والتحم هذا بقوله: {فقد كذبوا بالحق لما جاءهم} على أتم مناسبة وأصحها.
وأما آية النمل فمنزلة على ما تقدم من قوله تعالى: {بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون} وإنكارهم العودة بقولهم: {أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين} وذلك بعد ما ذكر مما بسط لهم من واضح الدلالات وقدم لهم الشواهد البينة من لدن قوله تعالى: {أم من خلق السماوات والأرض}... الآية المتكلم فيها فذكروا بما يشاهدونه ويعلمون أن آلهتهم لا تفعل ذلك فكان مرتكبهم بعد هذا إجراما وتعاميا عن الاعتبار بما ذكروا به فقيل لهم: سيروا في الأرض فانظروا عواقب أمثالكم من المتعامين عن النظر ولم يقع قبل تفسير صريح وتكذيب وقد بسط من الاعتبار في هذه الآى ما لم يبسط قبل آية الأنعام، فورد التعقيب هنا بوسمهم- أعنى الممحال- بالإجرام فقيل: {انظروا كيف كان عاقبة المجرمين} مناسب لما تقدم من اجترامهم مع الوضوح ومتابعة التذكير وإراءة البراهين.
وأما آية العنكبوت فإن الله سبحانه لما قدم ذكر العودة الأخراويه بما يقوم مقام الإفصاح وتحصل المقصود من ذلك في أربعة مواضع من هذه السورة على القرب والاتصال منها قوله تعالى: {من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت} قوله تعالى: {وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون} وقوله: {واشكروا له إليه ترجعون} وقوله: {ألم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده} ولم يتقدم في السور الأخر على الاتصال مثل هذا فناسبه إحالتهم وتذكيرهم بالاستدلال بالبدأة على العودة فقال تعالى: {فانظروا كبف بدأ الخلق ثم ينشئ النشأة الآخرة}.
وأما آية الروم فقد تقدم قبلها قوله: {ولا تكونوا من المشركين} وقوله: {إذا فريق منهم بربهم يشركون} قوله: {أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون} قوله: {هل من شركائهم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون} فلما تقدم ذكر من امتحن بالشرك وسوء عاقبتهم ولم يتقدم مثل هذا في السور المتقدمة ناسبه ما أعقب به من قوله: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين} فجاء كل على ما يجب.
وأما ورود ما أعقبت به كل آية من هذه من المأمور بالنظر فيه والاعتبار به بالفاء من حروف العطف سوى آية الأنعام فذلك بين لأنهم أمروا أن يعقبوا سيرهم بالتدبر والاعتبار وحصر نظرهم واعتبارهم في المعقب المذكور بعد الفاء ولم تقع إشارة إلى اعتبارهم بغير ذلك وأما آية الأنعام فإنها افتتحت بذكر خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور وإنما ذكر هذا من الخلق الأكبر ليعتبر بذلك فإنه أعظم معتبر وأوسعه قال تعالى: {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} فكأن الآية في قوة أن لو قيل: سيروا في الأرض فاعتبروا لخالقها، وكيف دحاها لكم وذللها لسكانكم، وجعل فيها رواسى أن تميد بكم وفجر فيها الأنهار إلى عجائب ما أودع فيها وكيف جعل السماء سقفا محفوظا بغير عماد وزينها بالنجوم لتهتدوا بها في الظلمات وجعل الشمس والقمر حسبانا وضياء وزينا للسماء الدنيا وكيف محا آية الليل لمصلحة العباد وجعل آية النهار مبصرة إلى ما لا يحصى من منافعها وعجائبها لمن منح الاعتبار قال تعالى: {إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين} ثم انظروا عاقبة من كذب ونبه فلم يعتبر فعطف هذا بثم المقتضية مهلة الزمان حيث يراد ذلك.
وتفخيم الأمر وتفاوت المنظور وتجريد الأمر لكل من الضربين مما قبلها وما بعدها فليس موضع تعقيب بالفاء إذا لم يرد أن يكون سيرهم لمجرد الاعتبار بمن كذب فأخذ تذيبه فقط بل الضربين مما ذكرناه ومهدناه وفى كل آية منهما أشفى دلالة وقصد في الآى الأخر تذكيرهم واعتبارهم بأحد المكذبين وهو المعقب بالفاء فلما افترق القصدان عطف كل بما يناسب والله أعلم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {ثُمَّ انْظُرُوا}: عطف على {سِيرُوا} ولم يجئ في القرآن العطف في مثل هذا الموضوع إلاَّ بالفاء، وهنا جاء بـ {ثم} فيحتاج إلى فَرْقٍ.
فذكر الزمخشري الفرق وهو: أنْ جَعَل النَّظَرَ مُسَبَّبًا عن السَّيْرِ في قوله: {فانْظُرُوا} كأنه قيل: سِيُروا لأجْلِ النظرِ، ولا تسيروا سَيْرَ الغافلين.
وهنا معناه إبَاحَةُ السَيَّرِ في الأرض للتجارة وغيرها من المَنَافِع، وإيجاب النظر في آثار الهالكين، ونبَّه عل ذلك بثمَّ لِتَبَعُدِ ما بين الواجب والمباح.
قال أبو حيَّان رضي الله عنه: وما ذكر أوَّلًا مُتَنَاقض؛ لأنه جعل النظر مُتَسَبِّبًا عن السَّيْرِ، فكان السَّيْرُ سببًا للنَّظَرِ، ثم قال: فكأنه قيل: سيروا لأجْلِ النَّظَرِ، فجعل السَّيْرَ مَعْلُولًا بالنَّظَرِ، والنَّظَرِ، سَبَبٌ له فَتَنَاقَضَا، ودعوى أن الفاء سببيةٌ دعوى لا دَلِيلَ عليها وإنَّما مَعْنَاها التَّعْقِبُ فقط، وأمَّا «زَنَى ماعِز فَرُجم» فَفَهْمُ السببية من قَرِينَةٍ غيرها.
قال: وعلى تقدير تَسْلِيم إفادتها السَّبَبَن فَلِمَ كان السيرُ هنا سَيْرَ إباحةٍ، وفي غيره سَيْرَ إيجاب؟.
وهذا اعترض صحيح إلاَّ قوله: إنَّ الفاء لا تفيد السَّبِبِيَّةَ فإنه غيرُ مُرْضٍ، ودليله في غير هذا الموضع ومثُل هذا المكان في كون الزَّمَخْشَرِيّ جعل شيئًا عِلَّةً، ثم جعله مَعْلولًا، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في أوَّلِ الفتح ويأتي هناك جوابه.
قوله: {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ} {كَيْفَ} خبرٌ مقدَّمٌ، و{عاقبة} اسمها، ولم يُؤنَّثْ، فعلْها؛ لأنَّ تأنيثها غير حقييقي؛ ولأنها بتأويل المآلِ والمُنْتَهَى، فإنَّ العاقبة مَصْدَرٌ على وزن فاعلة وهو محفوظ في ألْفَاظ تقدَّمَ ذِكْرُها وهي منتهى الشيء وما يَصيرُ إليه.
والعاقبةُ إذا أطْلِقَتْ اختصت بالثواب قال تعالى: {والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128] وبالإضافة قد تستعمل في العُقُوبةِ كقوله تبارك وتعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الذين أَسَاءُواْ السواءى} [الروم: 10]، {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النار خَالِدِينَ فِيهَا} [الحشر: 17] فَصَحَّ أن تكون اسْتِعَارةً من ضدَّهِ كقوله تعالى: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21].
و{كَيْفَ} مُعَلِّقة للنظر، فهي في مَحَلِّ نصبٍ على إسْقَاط الخافضح لأنَّ معناه هنا التَّفَكُّرُ والتدبُّرُ. والله أعلم. اهـ.